لماذا ندعو الله وارزاقنا مكتوبة؟
أول شيء يجب أن نفهم معنى الأقدار المكتوبة..
معنى الاقدار المكتوبة
كل شيء مقدر عند الله سبحانه ، ومكتوب في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة..
الله سبحانه وتعالى لم يكتب لك أنه يعطيك أو لا يعطيك فحسب ، بل إذا قدر لك العطاء ، فسيقدره مقرونا بسببه..
بمعنى أن الله إذا قدر لك الزواج مثلا ، فسيكون مكتوبا عنده أنك تبذل من الأسباب ما يوصلك لهذا الشيء المقدر..
الله سبحانه يعلم الغيب ويعلم القرارات التي سوف تأخذها والإتجاهات التي سوف تسلكها، وكلها مسجلة عنده سبحانه ، وهذا لا يعني أنه يتحكم في قراراتنا..
مثلاً شخص يسأل : إذا كان الطعام والشراب مقدرا لي أيضا ، فلن أسعى لرزقي ، فما هو مكتوب علي سيأتيني لا محالة ، سواء سعيت له أم لا !! فبماذا تجيبه ؟!
الجواب : إنك إذا أكلت أو شربت فذلك مقدر مكتوب عليك ، ولكنه مكتوب مع سببه ، وهو أنك ستقوم مثلا لتحضر الطعام أو تشتريه أو تعمل لتكسب الرزق لتحصيله ونحو ذلك من الأسباب ، كلها تؤدي إلى المسبب ، وكل ذلك بقدر الله سبحانه..
"فالكتابة ليست للنتائج فحسب ، بل للأسباب أيضا ، فإذا لم تبذل السبب لن تتأتى النتيجة أبدا".
نحن ندعو الله عز وجل – رغم أن كل شيء بقدر – كي يمنحنا مزيدا من فضله..
وذلك أنه ثبت عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ : إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا . قَالُوا : إِذًا نُكْثِرُ ، قَالَ : اللهُ أَكْثَرُ).رواه أحمد في " المسند " (17/213).
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن كل شيء يمكن تغييره؛ لأن الله قال:
{يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39].
وأن الله -جل وعلا- أمر بالدعاء، وشرع الأسباب، وعلق ما يشاء على ما يشاء جل جلاله ، علق الشقاوة على شيء، والسعادة على شيء، وهو حكيم عليم يعلم ما يصير إليه أمر العبد.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
( لَا يَرُدُّ القَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي العُمْرِ إِلَّا البِرُّ) رواه الترمذي (2139).
جاء في حديث ثوبان، عن النبي ﷺ أنه قال:
إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، وإن القضاء لا يرده إلا الدعاء، وإن الدعاء مع القضاء يعتلجان إلى يوم القيامة، وإن البر يزيد في العمر -يعني بر الوالدين-،
فالدعاء قضاء، والقضاء المحتوم كذلك، فالله قد يقدر أشياء، ويدفعها بأشياء، يقدر أشياء ويدفعها بالدعاء، وبالصدقات، وبالأعمال الصالحات، ويجعل هذا دافعًا لها بقدرته عز وجل.
خلاصة الكلام :
علم الله الغيب لا يعني تحكمه في قراراتك ، هو يعلم ماذا سوف تفعل وماذا سوف تدعو، وكله مكتوب عنده.
ومسألة إجابة الدعاء مرتبطة بتافصيل أخرى مثل موانع إجابة الدعاء وأسباب عدم الٱجابة ، وهذه خارج دائرة هذا السؤال ، إن شئت يمكنك طرح السؤال حتى افصلها لك في إجابة أخرى